جريمة ترتكب في معظم بيوت المسلمين، إلا من رحم الله، جريمة دينية وأخلاقية واجتماعية، جريمة تتفطر لها القلوب؛ إنها جريمة عقوق الوالدين
تلك الجريمة التي تفاقمت وتعاظمت حتى صاركثير من الشباب لا يعبأ بها، مع أن هذه الجريمة من علامات الساعة
فقد جاء جبريل عليه السلام في صورة آدمي في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولا يعرفون أنه جبريل
فسأل محمدًا صلى الله عليه وسلم عن أشياء منها: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ((ما المسئول عنها بأعلم من السائل)) [متفق عليه]
قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: ((أن تلد الأمة ربتها)) [متفق عليه واللفظ لمسلم]
أي تلد المرأة سيدتها، قال بعض العلماء: كناية عن كثرة العقوق، فتعامل الابنة أمها كما يعامل السيد عبده.
إن عقوق الوالدين كبيرة من أكبر الكبائر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟))، قلنا: بلى يا رسول الله
قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)) [متفق عليه]، ويقول أيضًا:
((وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه ، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى)) [حسنه الألباني].
يقول العلامة ابن حجر رحمه الله: (العقوق أن يحصل لهما أو لأحدهما أذىً ليس بالهيِّن عُرفًا) اهـ.
وانظر كيف حرم الله العقوق، ولو بالتأفف؛ ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)) [الإسراء:23].
كم من أبوين قد سالت دموعهما، وتفطرت قلوبهما، وقُتلت سعادتهما، من جراء العقوق؟!
يقول أحدهم: (كنت على شاطئ البحر، فرأيت امرأة كبيرة في السن جالسة على ذلك الشاطئ، تجاوزت الساعة 12مساءً
فقربت منها مع أسرتي، ونزلت من سيارتي، أتيت عند هذه المرأة، فقلت لها: يا والدة من تنتظرين؟
قالت: انتظر ابني، ذهب وسيأتي بعد قليل، يقول الراوي: شككت في أمر هذه المرأة، وأصابني ريب في بقائها في هذا المكان
الوقت متأخر، ولا أظن أن أحدًا سيأتي بعد هذا الوقت.
يقول: انتظرت ساعة كاملة ولم يأت أحد، فأتيت لها مرة أخرى، فقالت: يا ولدي، ولدي ذهب وسيأتي الآن، يقول: فنظرت
فإذا بورقة بجانب هذه المرأة، فقلت: لو سمحت أريد أن اقرأ هذه الورقة، قالت: إن هذه الورقة وضعها ابني
وقال: أي واحد يأتي؛ فأعطيه هذه الورقة.
يقول الراوي: قرأت هذه الورقة؛ فماذا مكتوب فيها؟! مكتوب فيها: (إلى من يجد هذه المرأة، الرجاء أخذها إلى دار العجزة).
أيها العاق والديه، اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاث دعوات مستجابات
لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده)) [حسنه الألباني]، فاحذر أن تصيبك دعوة الوالدين فإنها مجابة.
منقول للأمانة